١٠ - كبسولة نقدية : عن مسلسلات رمضان 2021


 

هل فى خيط بيربط مسلسلات بعينها، باتجاه معين ؟
وهل الفن فى عصر ما بعد الحداثة وعصر تحوله الى سلعة يمكن استغلاله اقتصاديا فقط؟
هنا كان ادراك ما بماهية الفن وماهية الرسالة المبطنة فى مسلسلات تدور فى زمن يكاد يكون معاصرا ولا يبعد عن الحاضر الا بسنين ماضية بسيطة.
وبدون الخوض فى رأى سياسى واتجاه ايدولوجى وبدون رمى المزايدة الاخلاقية على ردود افعال، لاحداث تاريخية ما، حدثت منذ ثورة يناير الى ثورة يونية، وارهاصات تحولات البنية الفكرية للنظام السياسى.
قرأت بوستس بخصوص سيطرة انتاجية على الفن المعروض وخصوصا ان شهر رمضان هو محفل الصراع الوجدانى للشعب المصرى ويشبه الكرنفال الشعبى الموجه، ويشبه في سطوته صفة التريندات، والتى تجبر اغلب الناس ومنهم الغير متابع بطبيعة الحال او غير المهتم بمشاهدة المسلسلات، فالتريند يجبره بقصد وبدون قصد ان يتابع ولو مشاهد عابرة من هنا وهناك، وغالبا ما يغلبه الفضول الى المتابعة وبالتالى التاثر بفن المعروض على الشاشة والتفاعل معه.. وجدانيا.
ومن هنا تأثر الوجدان والتفاعل مع الافكار وتلك نقطتنا الاولى.
قرات ان مسلسل القاهرة كابول، كان توقيت عرضه رمضان 20 وتم تأجيله الى رمضان 21.. وهل هناك ربط بين مسلسلات
القاهرة كابول و الاختيار2 ولعبة نيوتن ؟
بعيدا عن سلبيات الخطاب المباشر ( المقصود) فى العرض وعن الحنجورية المبالغ بها فى مشاهد كثيرة وعن عدم المنطقية فى احداث كثيرة ، ولكن هناك شيئا ضروريا اكثر اهمية من كل ذلك.
وهى صورة الرجل الاصولى/ السلفى فى تلك الاعمال المقدمة ، لم اتابع باقى الاعمال المعروضة ولكن لفت نظرى رسائل مبطنة اكثر اهمية من الحدث المباشر على الشاشة.
لن انسى انجراف الشعب المصرى الى خطاب جماعة الاخوان الارهابية خلال ايام الثورة، ومدى التعاطف والطيبة من خطاب الصعبانية المقدم لهم، فى صورة انهم الضحايا على مر العصور، وكان المقابل ان يختارهم الشعب المصرى تكفيرا عن ذنب السماح لهم بممارسة العمل السياسى فى حرية.
وحدث ما حدث وليس مجالنا هنا تأريخا لما حدث، كانت الجماعة تستخدم المنابر والقنوات وبقوة الاقتصاد تأتى صفوف التأيد لهم.
هنا ادركت الدولة العميقة ان لغة الفن هى قوة مؤثرة استخدمها من قبل الاصولى على المنبر، وهو يحمل السلاح ويخطب فى الجمع لكى يؤثر فيهم بصدق، ويستخدم خطابا دينيا مطعما بقدرته على تحريك جسده وصوته وعينه، هو لا يدرك انه فنا تمثيليا مستخدما، لاقناع الجماهير وتصديق كلامه والايمان به.
هنا بدأت حربا استخدمتها من قبل امريكا ضد روسيا، لتصوير العدو الحقيقى لهم عن طريقة الافلام الهوليودية.
وهنا جانبا من الفن واستخدامه كوسيلة تاثير على الوجدان وتلك نقطتنا الثانية.
تكسير وتحطيم صورة الاصولى/ السلفى/ الاخوانى، وتفتيت خطابه الدعوى ( الاخلاقى / السياسى) لهى مهمة تحتاج الى الخطاب المباشر المبطن بالحدث المعاصر وذلك عرضه مسلسل الاختيار1و2 ، وهو رصد واقعى لاحداث، كيف اوصلتنا الى متغيرات فى داخل مصر،
الى مسلسل القاهرة كابول الراصد لحركة تجنيد الافكار وتحولها من المدنية الى الاصولية فى شكل متطرف ايضا، اعطت له المساحة للعرض بعد ثورة يناير.
هنا ليس سجال للافكار فقط بل عرض مدى ما تؤدى به الافكار الى نتائج على دول بعينها، حاولت احياء وحضن تلك الافكار.
حاولت تلك المسلسلات تحطيم مجسم الاصولى فى تصوير انسانى، وهذا لم يحدث فنيا من قبل، هناك تشبيهات لهم على الضد من عرض الفكرة، اما عرض تلك الافكار فى مساجلة مباشرة منهم وفى ذات الوقت اعطاء المساحة لهم للرد والاجابة، فهو امرا جيدا.
وهنا الجانب الفنى او الوجه الاخر للاصولى وعرضه بصفة شخص عادى وليس شخصا محصنا باللحية والبسمة الدائمة بل بصفته الانسانية و بمفهومه المدنى وتلك نقطتنا الثالثة.
اما نقطتى الاخيرة وهى مدى تاثير كل ذلك على المتلقى، فتاثيره ليس على اصحاب الايدولوجية السياسية والفكرية،
التأثير ليس عن من اعتقد تلك الافكار وأمن بها،
بل التاثير الاقوى عن فئة من العامة ،تقف بموقف المحايد من الافكار الاصولية،
واحيانا ترى من تلك الافكار وسيلة لإرضاء الجانب النفسى فى داخلهم، وتزكية شعور الحق فى ارهاق فكرة الدولة وتشويه كل انجاز واقعى،
وهى نسبة من الشعب، تزيد على الثلثين، لم تقرأ كتابا ولم تتبنى موقفا فكريا ولم تسعى الى عرض افكارا ما، ويطغى الفكر الاصولى فى افعالهم.
Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url