٣٩ - كبسولة نقدية : كيف يقيس القارىء جودة العمل الأدبى؟و هل من الممكن ان يتحول القارىء الى ناقد؟
![]() |
| الصورة للفنانة سارة محمد |
ما الفرق بين الانطباع والرأى فى الحكم على جودة الرواية؟ء
كثيرة ما تصادف بوستس وتعليقات تتعلق وتتحدث عن رواية س وقد نالت استحسانا نقديا و سخطا جماهيرا بل واحيانا سجالات دائرة بين القراء انفسهم.ء
وتلك ظاهرة صحية فى مضمونها تتعلق بحرية ابداء الرأى والمتعلق بتفاصيل ما بعد القراءة.. وكثيرا ما يقع القارىء فى حيرة من امره.ء
فكيف يقيس القارىء جودة العمل الأدبى؟ء
قبل الاجابة والتى ستأتى بذاتها الى القارىء.. علينا التفرقة بين مصطلحين مختفين وراء تعليقات قراء الرواية.. وهما الانطباع والرأى.ء
ما هو الانطباع عن الرواية؟ء
يخيل لكل قارىء عندما يقرأ عمل ابداعى ويبدى رائيا فيه.. اذن فهو الرأى الصائب ومن خالفنى لا يفهم بل لا يكتفى بذلك ويدافع وبكل قوته عليه.. ذلك امرا جيدا فى شكله الخارجى ولكن وجب على القارىء ادراك بكون وجهة نظره الشخصية تتعلق..بالانطباع.. او الميول الشخصية او الشغف النفسى.. الامر يشبه من يحب عصير البرتقال ويكره عصير التفاح.. الامر هنا متعلق بالحب الشخصى للشىء ليس لانه شيئا جيدا او سيئا بل لانه يحبه كطعم يثير فيه راحة وهدوء.ء
وهنا يأتى الاحتدام بين من يقول انه يفضل أحمد خالد توفيق ويكره نجيب محفوظ.. هنا انطباع وليس رأى.. هنا حب تذوق وراحة وليس رأى.ء
اغلب اراء القراء هى انطباعات عامة على الرواية ومدى تأثيرها العاطفى والنفسى عليهم.ء
لذا فالانطباع جزء لا يتجزء من عملية الكتابة وجزء اصيل من عملية التأثير على القارىء واحيانا على النقاد.ء
ولكن كيف يدرب القارىء نفسه على الانطباع وما الفائدة العائدة له؟ء
الانطباع يأتى من فعل التلقى من قبل القارىء على النص.. الامر يشبه ان تترك جسدك مع تيار البحر.. الامر هنا لا يتعلق بتحكم ذاتى منك على جسدك بل تيار الماء يدفعك هو.. الامر يشبه شىء كهذا.. النص يحرك افكار القارىء وعاطفته.. ويحاول بقدر الامكان التحكم فى ذمام القيادة الى نهاية النص.ء
هنا القارىء وكثيرا ما اقول ذلك له عند الاطلاع على عمل ابداعى.. لا تفكر وانت تقول وجهة نظرك وتحدث بما يجول فى بالك بلحظته الذهنية.. قل ما تشعر به بعيدا عن عقلك وتصنيف مدى صحة او خطأ المكتوب عليك.. قل ما تود قوله بلا تفكير او مراجعة ذاتية منك.ء
لا يدرك القارىء مدى اهمية عنصر الانطباع لدى الكاتب.. والذى يشكل له غمرا من التأثيرات والتى يحاول ان يقيس بها مستوى تلقى القارىء ومدى نجاحه فى صنع هذا التأثير على المتلقى.. ففى مرة سألنى قارىء عن اخر عملا قراءته وكان عملا مثيرا للتأمل ويحتاج الى قارىء واعى.. فذكرت له الاسم.. و اشرت عليه بتسجيل انطباعه على ورقة.. بعد تجاوزه لنصف الرواية ثم انطباعه بعد نهايتها.. فشعر القارىء بالفعل.. بتباين وتحول انطباعه من الادنى الى الاقصى.ء
اما مصطلح الرأى فيختلف عن الانطباع واحيانا يمتزجا ولكن وجب التفرقة فيما بينهما.ء
ما هو الرأى عن الرواية؟ء
هنا يأتى دور العلم او المنهج او الناقد.. ليحاول تأويل وتفسير النص بما يتناسب مع ادوات الدراسة المتاحة فى جعبته.. بالطبع يملك الناقد الخبرات والقراءات والاستنتاجات اللازمة.. والتى يحاول بها فهم ابجدية هيكل النص ونسيج خيوط افكاره الممتدة فى الفصول وبالطبع وضع دلائل تعين القارىء على الفهم وعلى محاولة استنباط جماليات النص.ء
ولكن هل من الممكن ان يتحول القارىء الى ناقد؟ء
فى عصر التقنية بالفعل اخذ دورا حيويا فى تحوله الى ناقدا لاذع اللسان.. فى احيان كثيرة سواء بالثناء او الرثاء.. ولكن دعنى اخذ التحول الى الايجابية الحيوية العملية.. كل قارىء من الممكن ان يدرب ذاته على النقد او يتحول الى ناقدا ايجابيا..ء
ولكن كيف؟ء
١- القراءة المستمرة الواعية للنص..وليس اقصد بالقراءة المستمرة..بكون الكم بل اقصد بالواعية.. بكون الكيف من القراءة.ء
