لغز النهاية في رواية امستردام فى جائزة البوكر
![]() |
| غلاف رواية أمستردام |
دايما فى حال مقارنتى الدائم بين الجوائز العربية و الجوائز الاجنبية فى انجاح رواية بجائزة والحال البائس فى محاولات الاطلاع على ترشيحات القوائم وبؤس الترشيح.. حتى نوبل العريقة نالها ما نالها.ء
لكن هناك ما يستحق ان نلقى الضوء عليه وأشيد بقيمة اختيار رواية مثل أمستردام فى بوكر 98 وعلى العادة سأحاول الحديث عنها بدون تناول من التفاصيل.. مراعاة لعدم حرق الاحداث.. لادع القارىء يستمتع بقراتها.ء
كيف نكتب رواية بمقادير كالميزان.. نفرغ بها مضمون او لا مضمون .. ثم نأتى بحبكة مفاجاة فى نهايتها فى عدد من الصفحات القليل..برغم حجم الرواية البالغ 240 صفحة؟
تفاجئت بالنهاية كما تفاجأ القراء وسرعان ما انصبت الشتائم واللعنات.. وحاولت البحث عن مقالات مكتوبة باللغة العربية على جوجل ولم اجد..ربما كتب عنها ورقيا ولم تاخذا نصيبا.. فدخلت على الجود ريدز وطالعت التعليقات باللغة الاجنبية..لاجد كما هو صدى الدهشة والصدمة.. كل هذا كنت اؤيده فى داخلى ولكن كان هناك ايضا نداءا اخر يقول لى.. كيف يكون الكاتب بهذه المهارة فى السرد وتصميم الشخصيات و اختيار الحدث الدائر بينهم..وتتوه منه الحبكة والنهاية؟
استخدم إيوان اسلوب الراوى العليم فى السرد بمهارة تاكد عن عزل صوته الخاص فى الحكى..وبدأ بالحكى عن كل شخصية وكان موفقا جدا .. لانه كان سجالا يدور بين ثلاث شخصيات:ء
الصحفى
الموسيقى
السياسى
تربطهم علاقة مركزية وقد تفتت تلك العلاقة منذ المشهد الافتتاحى من الرواية.ء
اروع ما فى الرواية السجالات الدائرة بينهم والتى تأخذك الى تأملات فى حياة كل منهم.. ستدخل عالم الصحافة وما يدور فى الحجرات المغلقة والصفقات المشبوهة برائحة السياسة والتجارة.. الى عالم الفن الاوبرالى والتأليف الموسيقى وحالة التوحد الفنى فى حياة الفنان.. كل هذا فى سياق متين وبعيد عن الاسهاب بل اظن ان التركيز الفنى افاد الرواية جدا.ء
....................
سابدأ من هنا عزيزى القارىء فى حل لغز النهاية واذا كنت تود فى قراءة الرواية.. فانصحك بعدم استكمال المقالة واحتفظ به..للعودة إليه.
![]() |
| cover amsterdam(novel) |
كان لغزا فعليا تلك النهاية البائسة والتى انتهت بموت الصديقين الصحفى والموسيقى وبطريقة مسرحية شكسبيرية تدعو للرثاء والدهشة.. فكيف يتم تبادل السم بينهم .. كل واحد يضع السم الى الاخر وبدون اتفاق مسبق على موعد او وسيلة؟
هنا كان علينا المحاولة فى اعادة القراءة على مهل مرة اخرى وبتمهل استنطقاءا للنص وما بين السطور .. وما دعانى الى العودة ..عودتى الى مقدمة المترجم والتى انصح بها القارىء بعدم البدء فى قراتها ..خاصا ما تحتوى احيانا من حرق للاحداث من قبل المترجم..فاعود لها لاحقا..لاحظت شيئا مهما فى حديث إيوان عن كتابته فقال :ء
![]() |
| صفحة رقم 20 من رواية أمستردام |
قال: ان التوتر السردى يستند اساسا الى عدم البوح بالمعلومات والتفاصيل.
تلك الجملة كانت مفتاحا لى لاعادة القراءة.. ورجعت اليها ووجدت ان الشخصيتين..الصحفى والموسيقى كانا يسيران بالتوازى على حافة مرض الاكتئاب.. لم يصرح السرد بذلك ولكن هناك ادلة تؤيد هذا الدليل برغم عدم التصريح به ..فمن بعد المشهد الافتتاحى تجد الخواطر المترادفة للمرض بينهما
اما النقطة الثانية
بدء من ص 83 الى 85..المفتاح السرى لحل اللغز الاتفاق الضمنى على الموافقة على الفعل (فعل الانتحار) وبدون التصريح بالكلمة الا مجازا تعبيرا بينهما وفى سياق المشهد ستلاحظ ان الديالوج مكتوب بحرفية شديدة.
![]() |
| صفحة رقم 83 من رواية أمستردام |
![]() |
| صفحة رقم 84 من رواية أمستردام |
نلاحظ هنا
قال الفنان: شىء من الخوف فى داخلى(يقصد بداية الاكتئاب)
![]() |
| من صفحة 84 |
قال الفنان: شىء يجعلك تتعرق ليلا ويبدو لك شيئا غبيا..انه لا شىء تقريبا (يقصد بتماهى الاكتئاب)
ومن هنا بدأ يعرض عليه (الاتفاق السرى/الضمنى)
قال الفنان: لنفترض ان المرض داهمنى (هنا لم يصرح بالمرض بل ويتكلم بشكلا عام)
قال الفنان: اود ان اعرف ان هناك شخصا ما سوف يساعدنى فى القضاء عليه..اننى اطلب منك(من هنا يعرض عليه العرض/الاتفاق بينهم)
اكمل الفنان وقال بأنه امر غير قانونى فى هذا البلد(يقصد هنا قانون القتل الرحيم والمصرح به فى بعض الدول ومنهم أمستردام ولكن كل هذا واثناء القراءة انت لا تركز فيه ولا تدرى به شىء)
![]() |
| من صفحة 84 |
وكان الصمت او الصدمة هى الحالة المسيطرة على الصحفى
![]() |
| من صفحة 85 |
ورد عليه الصحفى باحتياجه وقتا للتفكير ولكن متى وافق على عرض صديقه فى صفحة 95
بل واضاف انه موافق على شرط واحد فقط ان يفعل الشىء ذاته لى(وهنا اضاف ياء التانيث اخفاءا للامر عن مدبرة المنزل
..فكتبها بصيغة التأنيث)
![]() |
| صفحة رقم 95 |
اما النقطة الثالثة وهى ترتيب الاتفاق الضمنى فى صورة تبدو ايضا مكتوية بحرفية شديدة وبصيغة ضمنية مرمزة ..فالكاتب لا يبوح بتفاصيل بقدر اباحته بتوتر السرد كما اشارنا من قبل
من صفحة 211/212 ثم الى جزئية فى 217
فيشرح كل التفاصيل من مكالمة الطبيب للاعراض الجانبية الى حتى النهاية..كل ذلك ولاتنسى ان القارىء لا يعرف ماذا سيحدث؟ ولا يعرف ماذا سيتم؟
![]() |
| صفحة 211 |
![]() |
| صفحة 212 |
![]() |
| من صفحة 218 |
هنا ياتى صلابة هذا النص الديناميكى والذى يجبرك صاحبه على البحث فيه والتأمل فى دواخله ومحاولة استباط حل للغز النهاية
رواية تستحق القراءة وبشدة














