رواية سماء تمطر رماداً ل محمد عويس



من أين تبدأ الحكاية؟ ونحكي عن البداية... أَلِلكونِ نهاياتٌ مختلفة نكتبها باختياراتنا؟ء
أسئلة فلسفية تُطرح حول مصير البشرية في رواية سماء تمطر رمادًا للكاتب المتميز دائمًا محمد عويس، والتي تسرد قصة الإنسانية في حضرة "شجرة المعرفة"، بصحبة أربع شخصيات: آدم، وحواء، وإبليس، والحية، يتحاورون تحت شجرة المعرفة عن تاريخ البشرية، ويصحبنا الكاتب في هذه الرحلة منذ لحظة النزول من جنةٍ ما إلى الأرض، مرورًا بحكايات الأنبياء. يقول السارد في الصفحة 87

المشهد الأخير يظهر شخصًا مجهولًا يسير فوق الرماد، يحمل كتابًا صغيرًا في يده؛ عيناه تتطلعان إلى السماء، تبحثان عن إجابة للسؤال الذي ظلّ يلاحق البشرية منذ البدء: «هل المعرفة لعنة أم نعمة؟»

تتحاور الشخصيات بلغة فلسفية عن ماهية الوجود واختيارات البشر. ويدخل بنا الكاتب في أروقة عصور النهضة ونهايات الاضمحلال، مستعرضًا أفكار أباطرة النهضة، من صعود العرب وسقوط بلدانهم، إلى صعود أوروبا إلى قمة عصور العقل والمعرفة. يقول السارد في الصفحة 125

تحت ظل شجرة المعرفة، تمايلت الأغصان، وأضاءت سماءها سحابات من الغموض، والريح تهبّ بهدوء. مرآة شجرة المعرفة رفعت صورة المستقبل أمام آدم وحواء، وكان الانعكاس واضحًا كالدماء تعصف بالأرض. بدأ العالم يظهر أمامهم بشكل مهيب: الجيوش، المعارك، الدماء التي تلوّث الأرض، والضحايا التي تسقط بلا هوادة. قالت الحية بصوت منخفض: «انظروا، هذا ما سيكون، يحيط به الزمان والمكان. هذه هي النهاية: حروب لا تنتهي، وظلمات تملأ القلوب».

تبدأ أوروبا حروبها، لنصل مع السارد إلى نهاية الحرب العالمية الثانية بسقوط قنبلة هيروشيما فوق الرؤوس. يقول السارد في الصفحة 193

توقف ملك الموت للحظة، ثم سأل: «ماذا عن النهاية؟»
أجابته الشجرة، وقد امتلأت بالألم: «النهاية ليست مجرد موتٍ جسدي، بل هي حينما تفقد البشرية نفسها، وحينما يُغلق باب المعرفة إلى الأبد. ستغرق البشرية في ظلام الروح، وتفقد كلَّ شيءٍ تسعى إليه»

هي رواية تتخذ الشكل المسرحي في السرد، وتطرح أسئلة عميقة عن مصيرنا على الأرض. يقول السارد في الصفحة 197

*حواء تنظر إلى السماء وقد أثقلتها الهموم، تضع يدها على قلبها، وتتساءل
«إذًا، هل من الممكن أن نجد فجرًا جديدًا بعد هذا الظلام؟! هل سنستطيع أن نتغلب على هذه الشياطين التي تلاحقنا؟! هل ما زال هناك أمل في أن نعيش بسلام؟!»

أجابها آدم بصوتٍ متعب، وقد خطّت علامات الزمن وجهه
«ربما! لكننا نحتاج إلى قوةٍ أكبر من أنفسنا، وإيمانٍ أعمق من أي زمن مضى. ولكن... هل يوجد شيء في هذا العالم يمكن أن يمنحنا ذلك غير الجنون؟»

إنها رواية جميلة، تستحق القراءة والتأمل

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url